مضي
الليل الا قليلا والظلام مخيم علي الكون بأجمعه.......اقبلت الفتاه
الصغيره تغادر محل عملها ..........هذا الدكان الصغير الجاثم في حي فقير
متواري تقتنه بعدما انهار منزلها في اخر هزه ارضيه لحقت بالبلاد
وراح اثرها كل عائلتها وكانت لاتزال في مقتبل العمر لاتعرف عن الحياه سوي رغدها ونعيم عيشها...............
ولكن كما قيل:
(متي كان للدهر عهد يوثق به او ذمام يعتمد عليه؟فالناس في يده كالكره ذات
الالوان في يد الصبي يديرها فتري الاسود في مكان الابيض والابيض في مكان
الاسود ودوره السعود والنحوس اسرع في عمر الدهر من لمح الطرف ولفته الجيد)
فوجدت نفسها في مهب الريح بلا عائله بلا معين سوي خالقها...................
وكأي فتاه شريفه تفضل الموت بحسرتها علي ان تعيش بعارها ابت ان تعرض عرضها
في تلك الاسواق التي يعرض فيها الفتيات الجائعات اعراضهن...............
وقررت ان تعمل كما شاء بها ان تفعل ومضت تبحث في كل جه وصوب عمن يمنحها فرصه للبقاء والعيش
حتي لان لحالها قلب صاحب حانوت صغير لبيع الحلوي في حي فقير علي ان تتولي مسؤليته كامله...............
وفي تلك الليله الداجيه المكفهره غادرت الحانوت وهمت باغلاقه فاذا بهذا
الرجل بشع المنظر كريه الرائحه يقترب منها يغترزنظراته في عينيها يفترس
فيها يمطرها بمعسول كلامه فنهرته وهمت بالمغادره حتي حال دون ذلك سلاح
ابيض لوح به في وجهها فسرق كل مالها وسرق مابالحانوت من بضاعه وتركها تملا
الدنيا صراخا وعويلا ايقظ الحي برمته.....................وسرعان ما
ابلغوا الشرطه والتي صحبتها الي القسم للادلاء بشهادتها................
وما ان وصلت حتي دخلت علي ظابط متأنق يدخن الغليوم وقد وضع ساقيه فوق مكتبه في تعمد واضح
في بادئ الامر شرع يسألها عن كنه ماحدث غير عابء بالنظر الي وجهها..........
اخذت تصف له ماحدث والدموع تسابق كلامها........لفت نظره نبره صوتها
الحالمه فتطلع اليها في عجل وماان نظر الي وجهها حتي انبهر من جمالها
الاخاذ فرغم مافعله الدهر من صفره وغضاضه علي جسدها
لم يحرمه من مسحه جمال لاتخطئها العين.........فما ان راها حتي هم بالوقوف
واخذ يتحدث اليها وعينيه لم تغادر جسدها تتسلقه في اعجاب شديد.......فذهب
معها في الحديث مذاهب اخري ............وكان من هذا النوع من الظباط التي
غادر شرف مهنته قلبه وعقله منذ امد بعيد وطغت شهواته ونزواته علي مهام
وظيفته...........
ظل يجاذبها اطراف الحديث وهي ذاهله........اخذ وجهها يربد شيئا فشيئا ثم
انتفضت انتفاضه الليث في غيله..............والقت عليه نظره هائله لو
القتها علي رجل غيره لصعق في مكانه ولكنه كان وقاحا متبلدا.........
..................وتقدم نحوها...............
وضع يده فوق كتفها فنهرته امسكها بقوه مزق ملابسها..............
غالبها علي امرها.............
صرخت هوت اسفل قدميه قبلتهم استحلفته بالله ان يرحمها فماعادت تملك من الدنيا سوي طهارتها
ولكنه لم يكن من هذا النوع من البشر من يرق حاله لفتاه فقيره اكل الدهر وشرب عليها.............
بل غلبته شهوته واصمتت فتنتها صوت الرحمه في قلبه...........
فرت من بين يداه اعترض طريقها............
انزوت في ركن من اركان الحجره المظلمه تكورت علي نفسها ارتجفت كهره صغيره اغرقها المطر................
انطلق نحوها والرغبه تتملكه فبدا كذئب جائع شريد..........
دارت بنظرها في انحاء الغرفه تتلمس سبيلا للخلاص فوقع نظرها علي مسدسه
الملقي باهمال فوق حلته علي المكتب هناك.........انطلقت اليه مسرعه
اختطفته لتهدده فخرجت رصاصه خاطئه استقرت في كتفه................
...........
سمع لها دويا عاليا دخل علي اثره كل العسكر بالخارج ............
قبضوا عليها لم يحاولوا ان يستمعوا لروايتها..........
بدلوا ملابسها وشتتوا قرائن برائتها........
وفي المحكمه وقف بكل رياء وكذب يقص قصه وهميه زعم فيها
انها كانت علي علاقه بلص الحانوت وانهما اتفقا سويا علي سرقته
وان مافعلته لم يكن سوي حيله مدبره لتنعم بالغنيمه مع عشيقها
وعندما فك الظابط اطراف اللغز همت لتقتله
حتي لا يدينها.............
صرخت كما شاء لها الله ان تفعل حاولت ان تبرر ماحدث ولكن
من يستمع لفتاه فقيره تفترش العراء ...........
......................
وسيقت الي السجن بتهمه الشروع في قتل رجل شرطه ........وحكم عليها بقضاء عشر سنوات خلف اسواره الموحشه............
العجيب في الامر ان دبيب الشر لم يجد طريقه اليها رغم مامر بها فظلت سنوات سجنها كدنا وميضها كالبرق
كانت كعبره ككقطره ندي تنزع الهموم والاحزان عن قلوب قريناتها في السجن تعلمت التمريض ومضت
تخفف الام الناس لعل الامها تسكن..........
وظلت علي حالها هانئه مغتبطه راضيه بقضاء الله...........
لا تلون علي شئ مما ورائها فقد علمت في قراره نفسها انها لوعادت لفعلت مثلما فعلت وما اغضبت ربها
ابدا..........ومضت في طريق الفضيله الي ان يأتي الاجل......
تعلمت الصبر كما لم تتعلمه من قبل وباتت تنتظر لحظه الخلاص فعما قريب او بعيد سيفتح هذا الباب
الموصد وتخرج لا لان تنتقم من هذا الرجل الذي اساء اليها وساقها الي هذا المكان ...........
بل لتخفف هموم البشر الي ان يحين الاجل...............
ومضت السنوات سريعه عليها دون ان تدري خرجت ولم تمحو سنوات الشقاء لمحه واحده من فتنتها وجمالها
بل خرجت منه كما لم تدخله فقد صبغ الصبر والايمان علي وجهها جمال علي جمالها..........
فقد لبست ذلك الثوب الذي لبسته منذ برزت الي الوجود........ثوب الكرامه
والفضيله والنقاء.......وقررت ان تكمل عملها التي بدأته خلف الاسوار
فلتحقت بأحدي المستشقيات الخيريه لتواسي المرضي طيله حياتها......
الباقيه راضيه غير متبرمه دخلت المستشفي واخلصت في عملها الي الله فسهرت
علي المرضي واحسنت مواساتهم حتي اصبحت مضرب للمثل في صلاحها
وتقواها...........
وفي يوم من الايام جاء مريض قد علمت من الاطباء انه كان رجل شرطه كبير وكان مضرب للامثال في المجون والفساد........
لم يستطع احد ان يكبد جماح فساده حتي وقت قصير استطاعوا فيه ان يثبتوا عليه جريمه خيانه لشرف المهنه
فدخل السجن بعدما حرمته الدوله من مهام وظيفته وسيق الي السجن ليقاسي فيه
كل الوان العذاب والالام بمالاطاقه لمثله بالاحتماال...............
فسقط مريضا لا يحفل به احد او يواسيه مواس.............
حتي اشتد عليه مرضه واتو به الي هنا.............
فطلبت من الطبيب ان تتولي متابعته والسهر علي حاله........وما ان دخلت
عليه حتي عرفته رغم تغير صورته واستحالت حالته فلم تستطع ان تملك عينها من
البكاء..............
وتذكرت المظالم التي نالتها ومااقترفت ذنبا ولا جنيا حتي اوردتها هذا المورد من الشقاء....وهمت لتنتقم...........
حتي حال بينها وبين ذلك...ايمانها وتذكرت مقوله كانت تقول:
(ان العفو مراره ساعه...........ثم النعيم الي الابد............والانتقام لذه ساعه................ثم الشقاء الدائم الذي لا يفني)
ومضت الايام وهي تعالج هذا المسكين باخلاص وتقوم علي خدمته ليلها ونهارها
حتي تماثل للشفاء وقد اشتعل لهيب الحب هذه المره في قلبه تجاه هذا الملاك الماثل امامه
والتي لم يري مثل جمالها ورقتها ونبلها من قبل وطيله حياته.............
واقبل عليها بكل رقه وعرفان بالجميل وقد تبدل حاله الي حال وسالها:
هل تقبلين الزواج مني فانا تغيرت علي يديك وسأصير انسان غير هذا الوحش الذي كنت عليه
فاسعدي قلب كل مناه ان تصيري اميرته................
نظرت اليه دامعه وقد صعقها قوله وقالت:
اتعلم؟ان الموت لاهون لي من ان اصبح زوجه لرجل استحالت حياتي الي جحيم علي
يديه فزج بي خلف الاسوار لاتجرع نزيف كبريائي حطام شرفي
وسمعتي.........واجمل سنوات عمري.........
فجن جنونه......وظل يحدق النظر في وجهها طويلا حتي عرفها فتناهض من مكانه
وانكب علي يدها يقبلها...........يسألها العفو..........يسألها
الرحمه........من عذاب ضميره.........
جثي فوق ركبتتيه وقال لها:
انا احبك كما لم يحب رجل امراه من قبل....اغفري لي...........سامحيني..............
لم تفعل شيئا فقط القت عليه نظره شرزاء حملت كل معاناتها طيله هذه السنين وقالت:
ولما لم ترحمني.............................
اذهب فسأعفو عنك اولا تعلم لما؟
لان
.
.
.
.
العفو اشد انواع الانتقام